بقلم : زينة محمد الجانوديخلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وكرّمه إن كان ذكرا أم أنثى.
وعندما خلق الله الكون وضع في المرأة سرّ القدرة على تحمّل المصاعب والآلام، لذلك تعتبر المرأة مخلوقا تتجلّى فيه عظمة الله تعالى، وقد جعل الله المرأة شريكة الرّجل في الحياة ومكمّلة له في كلّ شيء،
وجعل مكانتها عظيمة في المجتمع،لأنّها الأساس في قيام الحضارات والأمم وبناء الأسرة وتكوينها، باعتبارها مربيّة الأجيال التي تساهم في بناء المجتمع وتطويره، وتلعب دورا مهما في تقدّمه ونجاحه، فالمرأة هي الأمّ والأخت والزّوجة والعمّة والخالة وغير ذلك،
فهي التي ترتكز عليها أسس الأخلاق والتّربية الطيّبة التي يتلقّاها أبناء المجتمع لأنّها الأكثر تأثيرا فيهم، والقادرة على أن تزرع في ذهن أبنائها ماتريده من أخلاق قويمة وسليمة ومبادئ إيجابيّة،
وتغرس غراس المسؤوليّة لديهم، وتعكس المفاهيم والعادات الصّحيحة في نفوسهم، وتصقل شخصيّاتهم ليكونوا ناجحين في مجتمعهم فلا يمكن من دونها أن يكون هناك علماء وعظماء يساهمون في تغيير الواقع يما يفيد الإنسانيّة،
كما أنّ المرأة لا ينحصر دورها فقط في الزّواج والإنجاب، لأنّها تمتلك الكثير من القدرات والمهارات العظيمة، فقد استطاعت القيام بالكثير من الأدوار والأعمال في الكثير من النّواحي واقتحام كافّة الجوانب العمليّة، فنجد الطّبيبة والمعلّمة والمهندسة والمحامية وغيرها من الأعمال الهامّة.
فى خلال العقود القليلة الماضية أثبتت المرأة نفسها كما أثبتت جدارتها في مختلف مجالات المهن، كما أثبتت مهارتها في تولّي العديد من المناصب العليا والمواقع القياديّة، وقد شهد العالم زيادة كبيرة في مشاركة المرأة في جميع مجالات العمل، كما أنّها كانت ومازالت نبراس العديد من الحركات والثّورات الفكريّة.
وقد ساوَتِ الأديان السّماويّة بين المرأة والرّجل في القدر والمكانة والحقوق والواجبات، وعاملتْها على أنّها شريكة الرّجل في الإنسانيّة، وجعلتها حرّة كالرّجل لها ماله وعليها ماعليه.
فقد قال الله تعالى:{ ولَهُنّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بالمَعْروفِ وللرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [ البقرة: آية 228]، فهذه الدّرجة هي درجة تكليف لا درجة تشريف وهي لصالح المرأة وخدمتها والقيام على شؤونها.
وقد أولى الإسلام المرأة عناية ورعاية خاصّة، واعتبرها شقيقة الرّجل وتوأَم روحه، لاشتراكهما في الأصل الإنسانيّ، فعن النّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم:(وإنّما النّساء شقائق الرّجال) [ حديث صحيح]، فقدحرّر الإسلام المرأة من الظّلم والاستعباد والاضطهاد الذي لحق بها في العصر الجاهليّ، وأعطاها حقّها في العلم والتّعليم والعمل والميراث والملكيّة والحياة الزوجيّة ومشاورتها واحترام رأيها، وإشراكها في اتّخاذ القرار.
وبالرّغم من أنّ الأديان منحتْ وأعطتِ المرأة حقوقها، لم تستطع بعض البيئات والمجتمعات أن تحميها من الاستغلال والعنف أو أن تقدّم إصلاحات اجتماعيّة بحقّ المرأة، أوتبذل قصارى جهدها في أن تقدّم لها جُلّ حقوقها، بل لم تَصُن حقوقها وتجاهلتها من قبل بعض التّشريعات والقوانين،
ولم تلتفت إليها إلّا عندما تقع المرأة في محظورات أخلاقيّة يستدعي معها تعنيفها أو إلقاء اللّوم عليها، بل قد يصل بها الحال إلى التخلّص منها، ووصْمها بعبارات لا تليق بها، باعتبارها عار على الدّين والشّرف والعائلة.
إنّ حقوق المرأة هي حقوق إنسانيّة ودينيّة تساهم في تعزيز رعاية المرأة وحمايتها، لأنّ المرأة هي زهرة الحياة وريحانتها.
لذلك يجب صوْنها والحفاظ عليها، واحترام وتقدير دورها في بناء المجمتع الذي ماوُجِد إلّا يوم خُلقتْ المرأة، فوجود المجتمع متوقّف على وجود المرأة، وقضيّة المرأة هي قضيّة كلّ إنسان،فهي ليست نصف المجتمع فحسب بل هي صانعة المجتمع.